الفصل 43: دخول رسمي
كومة ضخمة من الأرض، تم ضغطها لتصبح حجرًا، بإرتفاع يصل كيلومترين. كانت قمتها و قاعدتها متشابهتين إلى حد ما في العرض، مثل عمود، ولكن حجمها جبلي. تناثرت هذه الجبال في المنطقة، وكان لكل منها أجراف شديدة الانحدار، مما أدى إلى تحول الفجوات الضيقة بين كل منها إلى مضايق.
بسبب ترتيب الجبال، شكلت المضايق متاهة واسعة تغطي مساحتها ملايين الكيلومترات المربعة. تحولت بعض هذه المضايق إلى أودية بسبب دخول الأنهار العديدة إلى المنطقة، مما أدى إلى تسميتها — بـوادي دينغ!
كانت قمة أحد هذه الجبال مليئة بأشجار الباوباب. ممتلكة سيقان سميكة مملوءة بالماء، أصبحت تمثل تنوعًا خاصًا بين الأشجار. ظل الزينغر يتجولون بين الأشجار مثل السناجب، و كان عددهم بالآلاف.
قفز زينغر على شجرة باوباب واخترق الجذع بمخالبه، محدثًا ثقبًا واسعًا. فتح فمه و تجرع المياه المتدفقة. بمجرد امتلائه، تدفقت برانا إلى راحتيه و كثف كرة تشبه البيضة استخدمها لسد الحفرة.
فعل العديد من الزينغر الشيء نفسه، حيث شربوا الماء من الأشجار وقاموا بسد الثقوب المحفورة بعد ذلك. عادةً، لم يستخدم زينغر ثقبًا أنشأه زينغر آخر، عادةً.
ولكن بسبب معدل الوفيات المرتفع، بمجرد موت الزينغر، تختفي بصمته على الفلين الذي على شكل بيضة. وعندما يحدث ذلك، يطبع عليه زينغر آخر بصمته و يستخدمه لإشباع عطشه.
“كيكي!”
“كاكاكا!” أطلق حشد من الزينغر صرخات مختلفة بينما اندفعوا نحو حافة الجبل و زحفوا نحو جدران الجرف.
كانت رياح قوية تهب عبر الوادي، و ترفرف الفراء الذي يغطي أجسادهم. كان أحد هؤلاء الزينغر أكثر تطوراً قليلاً من بقية إخوته. لمعت عيناه بالعاطفة وهو معلق على الجرف.
استقرت المخالب الموجودة في ساقيه في جدران الجرف، مثبتة نفسها في المكان. أمسكت يده اليسرى بجذور شجرة باوباب متدلية، بينما وضع يده اليمنى على عينيه، مثل المظلة، مقلدا البشر عندما يرغبون في مراقبة الأشياء عن بعد.
امتد هذا المضيق بعرض خمسة كيلومترات، وهو أحد الأوسع في وادي دينغ، مشكلا أحد الطرق الرئيسية للدخول إلى المنطقة، والتي يرتادها الكثيرون، وخاصة قطعان الأنياب السماوية.
وحاليًا دخل أحد هذه القطعان. عندما دخلت الأنياب السماوية المهيبة إلى المضيق، تباطأت سرعتها. توقف الناب السماوي في المقدمة، زعيم القطيع، مراقبا عشرات الآلاف من الزينغر ينتظرون على جدران الجرف.
لقد رفع خرطومه عالياً في الهواء، ويبدو أنه يمتص الهواء. على الرغم من أنه كان يستنشق ببطء فقط، تغير اتجاه الرياح في المضيق.
“كيك!” صرخت مجموعة من الزينغر القريبة في حالة من الارتباك عندما تحطمت كتل من الصخور في جدار الجرف حول المواقع التي استقرت فيها مخالبهم. كان يتم سحبهم بواسطة قوة الشفط.
قام الزينغر على عجل بقضم جذور شجرة الباوباب بينما حفرت مخالبهم بشكل متكرر في جدران الجرف، وبالكاد بقيت راسخة. لسوء الحظ تم امتصاص بعض الضعفاء في الخرطوم.
سرعان ما انتهى الناب السماوي من الاستنشاق كما اتجهت عيناه إلى الجانب و حملق في جدران الجرف التي يغطيها الزينغر. وجه خرطومه بهدوء في الاتجاه الذي كان فيه الزينغر بكثافة وأطلق العنان لنفير قوي، زافرا كل الهواء لزيادة تصعيد قوته.
“كورر-راهه-لاااااا!” انفجرت موجات صدمة في جميع أنحاء المضيق، و ترددت من جدران الجرف كطبقة سميكة من الهواء المضغوط، يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وقد انفجرت لمئات الكيلومترات.
“كييي!” صرخ الزينغر عندما تمزقت طبلات أذنهم من موجات الصدمة. انهارت قطع كبيرة من جدران الجرف كما تحطمت أجساد الزينغر و أي وحش برانيكي آخر على مسافة عشرة كيلومترات من الناب السماوي.
أولئك البعيدين في الخلف فقدوا وعيهم. تراخت قبضتهم ردًا على ذلك كما سقطوا من مواقعهم على الجرف، متجهين مباشرة نحو الأرض.
ولكن في منتصف الطريق خلال السقوط الحر، توقفت أجسادهم، جنبًا إلى جنب مع القطع الكبيرة المكسورة من جدران الجرف. هبت رياح شديدة من ناحية أخرى، مما منعهم من الوصول إلى الأرض.
بدأ الناب السماوي في الاستنشاق من خلال خرطومه، مستخدمًا طبيعته الأولية لامتصاص هواء مئات أضعاف حجم جسمه. نتيجة لذلك، أصبحت قوة الشفط هائلة.
عشرات الآلاف من الزينغر، إلى جانب الأشجار، الصخور، الطين، المياه و ما إلى ذلك، طاروا إلى خرطوم الناب السماوي. الزينغر المؤسفون الذين لم يموتوا حتى الآن تعرضوا للجحيم الحقيقي.
الطبيعة الأولية — الجاذبية بالقصور الذاتي الداخلية!
عملت مجالات جاذبية متباينة عليهم من جميع الجوانب، ممزقة كل شيء إلى أجزاء. وحذت حذوها مجالات الجاذبية المتقاربة، مما أدى إلى ضغط كل شيء إلى أشكال كروية صلبة. علاوة على ذلك، يبدو أن الجاذبية لها عقلها الخاص، حيث تفصل كل شيء إلى كتل أصغر.
بعد دقيقة واحدة، فتح الناب السماوي فمه. وجه الجزء العلوي من خرطومه إلى فمه وأطلق كرات مضغوطة كانت عبارة عن خليط من النبات، اللحوم، و التراب.
لا يهم ما كانوا عليه. استهلكهم الناب السماوي جميعًا. بعد كل شيء، إنه في حد ذاته منطقة حيوية. يمكنه أن يحافظ على نفسه فقط عن طريق استهلاك الأرض. تنمو النباتات في جسمه، و يحول المعادن إلى منتجات مختلفة.
كما قام أفراد عشيرة الماموث بتحطيم هذه المنتجات من خلال استهلاكها. بفضل تأثير فن العظم الغامض، حتى الفضلات التي أنتجوها كانت عبارة عن دواء ينظم الوظيفة الجسدية للناب السماوي.
وبطبيعة الحال، فإنه لا يزال يستهلك النباتات و وحوش البرانيك. بعد كل شيء، كان هذا هو الأسلوب الأسرع والأكثر كفاءة لتجميع البرانا.
قد لا يبدو الأمر كثيرًا، لكن استهلاك البرانا الخاص بـالناب السماوي كان هائلاً. ظلت طبيعته الأولية نشطة دائمًا وبأقصى قوة، مما أدى إلى ثني الفضاء داخل جسمه. لقد كان يحرق المئات من البرانا في كل ثانية.
أصبح الآلاف من الزينغر مجرد وجبة خفيفة للناب السماوي. كل ما فعله هو تمهيد الطريق لقطيعه. بصفته القائد و أقوى ناب سماوي، كان مسؤولاً عن القضاء على أي مضايقات للقطيع.
علاوة على ذلك، أمسى هجومه بمثابة استعراض للقوة، كإجراء وقائي لإحباط مهاجمة الزينغر لهم. لكن بالطبع، حتى هو عرف أن هذا لن يهم.
أمام كل وحش برانيكي من نوع السرب، كانت الأنياب السماوية هي قمة الأطباق الشهية. كان التهام واحد عادة كافيا لمضاعفة أعدادهم بمرتين أو ثلاثة بين عشية و ضحاها.
“كيك!”
“كيكي!”
“كوكوكو!”
“كوكوجوجوجاجا!” مع قيام المزيد والمزيد من الزينغر بملء المساحة الفارغة، راقبتهم عيون الناب السماوي بهدوء. بعد ذلك، رفع خرطومه وأطلق نفيرا ناعما.
ردًا على ذلك على الفور، تغير تشكيل الصف الفردي في القطيع عندما سار ناب سماوي آخر إلى يمين القائد. ردًا على ذلك بسرعة، بدأت الأنياب السماوية بالتجمع في صفين. وبعد ذلك تحرك القطيع.
44 نابا سماويا في صفين، مكونين 22 طابورا إجمالاً. غامر القطيع رسميًا بالدخول إلى وادي دينغ، حيث أعلنت المذبحة الجماعية عن وصولهم.
******